الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، حمد المؤمنين الصابرين القائمين بأمر ربهم، وحكمه وشرعه، والصلاة والسلام على الرسول القدوة، وعلى آله وصحبه وبعد: لقد كانت الغاية من ابتعاث النبي محمد صلى الله عليه وسلم نشر الرحمة للعالمين، واسترداد إنسانية الإنسان وكرامته، والدخول به عتبة الرشد البشري والكمال الإنساني، ووضع الأغلال والآصار عنه، وكانت رسالته صلى الله عليه وسلم الخالدة الخاتمة؛ فكان منهاجها منهاجاً متوازناً لا تتناقض أجزاؤه بل تتكامل أحكامه وتشريعاته؛ فهي عدل كلها ورحمة كلها وإحسان كلها… ومن القضايا المهمة في حياة الإنسان، تلك القضايا المتعلقة بالأموال والمعاملات، ولما لها من أهمية فقد تناولها التشريع الإسلامي بشكل دقيق وشفاف؛ فعالج أحكامها بالتفصيل، فالمال بلا شك ضرورة في الحياة، فهو أحد الضروريات الخمس التي جاء الإسلام بالحفاظ عليها، وهي: الدين والنفس والعقل والعرض والمال، فالعبد يحتاج المال في كافة شئون حياته؛ في طعامه وشرابه ومسكنه ومنكحه وملبسه، وبه يجلب الناس مصالحهم ويستدفعون الضرر عن أنفسهم، وتقام به العبادات والمعاملات، وبه يتعفف الناس عن ذل السؤال، وقد جعل الشرع للمال حُرمة عظيمة وأولاه عناية واهتمامًا، وكما هو شأن الإسلام دائما مع النزعات الفطرية للإنسان حيث يبيح إشباعها و يلبي مطالبها ضمن الحدود المعقولة، مع التهذيب والترشيد حتى تستقيم وتحقق الخير للإنسان ولا تعود عليه بالشر،كما سن التشريعات الكفيلة بحفظ أموال القصر والسفهاء والمجانين الذين لا يحسنون التصرف في أموالهم، حيث شرع تنصيب الوصي عليهم حيث قال تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} وكما شرع الحجر حيث قال تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً}. ورأيت أن أبحث في هذا الموضوع – الحجر علي الصغير والسفيه والمجنون – مساهمةً منى في خدمة العلم الشرعي.

• PhD and MSc Theses- Faculty of Sharia and Law [424]